صلوا كما رآيتموني أصلي

صفة صلاة النبي صلي الله عليه وسلم

الحمدلله وحده ، والصلاة والسلام علي عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه .

أما بعد .. فهذه كلمات موجزة فى بيان صفة صلاة النبي صلي الله عليه وسلم أردت تقديمها إلي كل مسلم ومسلمة ;

ليجتهد كل من يطلع عليها في التأسي به صلي الله عليه وسلم فى ذلك ;لقوله صلي الله عليه وسلم : صلوا كما

رآيتموني أصلي .. أخرجه البخاري .

إسباغ الوضوء

يسبغ الوضوء ، وهو أن يتوضأ كما أمره الله ، عملاً بقوله سبحانه وتعالي -: ياأيها الذين آمنوا إذغ قمتم إلي الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلي المرافق

وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلي الكعبين .. المائدة 6 وقول النبي صلي الله عليه وسلم ولا تقبل صلاة بغير طهور ، ولا صدقة من غلول وقولة صلي الله

عليه وسلم للذي أساء صلاته : إذا قمت إلي الصلاة فأسبغ الوضوء ..

استقبال القبلة

يتوجه المصلي إلي القبلة وهي الكعبة أينما كان بجميع بدنه قاصداً بقلبه فعل الصلاة التي يريدها من فريضة أو نافلة ولا ينطق بلسانه بالنيه لأن النطق باللسان

غير مشروع بل بدعة : لكون النبي صلي الله عليه وسلم لم ينطق بالنية ولا أصحابة رضي الله عنهم .

السترة للمصلي



ويسن أن يجعل له سترة يصلي إليها إن كان إماماً أو منفرداً : لأمر النبي صلي الله عليه وسلم بذلك واستقبال القبلة شرط فى الصلاة إلا فى مسائل مستثناه

معلومة موضحة فى كتب أهل العلم .

التكبير للصلاة

يكبر تكبيرة الإحرام فيقول : الله أكبر ناظراً ببصره إلي محل سجوده ..

يرفع يديه عند التكبير إلي حذو منكبيه أو إلي حيال أذنيه ..

يضع يديه علي صدره اليمني علي كفه اليسري والرسغ والساعد لثبوت ذلك من حديث وائل ابن حجر وقبيصة بن هلب الطائي عن أبيه رضي الله عنهم ..

دعاء الاستفتاح

يسن أن يقرأ دعاء الاستفتاح وهو :اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب اللهم نقني من خطاياي كما ينقي الثوب الأبيض من الدنس

اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد .. متفق عليه

من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم ..

وإن شاء قال بدلاً من ذلك : سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالي جدك ولا إله غيرك ، لثبوت ذلك عن النبي صلي الله عليه وسلم وإن أتي بغيرهما

من الاستفتاحات الثابتة عن النبي صلي الله عليه وسلم فلا بأس والأفضل أن يفعل هذا تارة وهذا لأن ذلك أكمل فى الاتباع ..

الاستعاذة وقراءة الفاتحة فى الصلاة

ثم يقول : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم ويقرأ سورة الفاتحة لقولة صلي الله عليه وسلم : لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب

ويقول بعدها : آمين جهراً فى الصلاة الجهرية وسراً فى الصلاة السرية ..

القراءة بعد الفاتحة

ثم يقرأ ماتيسر من القرآن والأفضل أن تكون القراءة بعد الفاتحة فى الظهر والعصر من أوساط المفصل وفى الفجر من طواله وفى المغرب من قصارة ، وفى

بعض الأحيان من طواله أو أوساطه أعني فى المغرب كما ثبت ذلك عن النبي صلي الله عليه ويشرع أن تكون العصر أخف من الظهر .

كيفية الركوع ومايقول فيه

يركع مبكراً رافعاً يديه إلي حذو منكبيه أو أذنيه جاعلاً رأسه حيال ظهره واضعاً يديه علي ركبتيه مفرقاً أصابعه ويطمئن فى ركوعه ويقول : سبحان ربي

العظيم والأفضل أن يكررها ثلاثاً أو أكثر ويستحب أن يقول مع ذلك : سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي .

الرفع من الركوع

يرفع رأسه من الركوع ، رافعاً يديه إلي حذو منكبيه أو أذنيه قائلاً : سمع الله لمن حمده .. إن كان إماماً أو منفرداً ويقول حال قيامه : ربنا ولك الحمد

حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ، ملء السموات وملء الأرض وملء ماشئت من شئ بعد ..

وإن زاد بعد ذلك : أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد ، وكلنا لك عبد ، اللهم لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد ..

فهو حسن لأن ذلك قد ثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم فى بعض الأحاديث الصحيحة .

أما إن كان مأموماً فإنه يقول عند الرفع : ربنا ولك الحمد .. إلي آخر ماتقدم ويستحب أن يضع كل منهم يديه علي صدره كما فعل فى قيامه قبل الركوع

لثبوت مايدل علي ذلك عن النبي صلي الله عليه وسلم من حديث وائل ابن حجر وسهل بن سعد رضي الله عنهم .

كيفية السجود ومايقول فيه

يسجد مكبراً واضعاً ركبتيه قبل يديه إذا تيسر له ذلك فإن شق عليه قدم يديه قبل ركبتيه مستقبلاًَ بأصابع رجليه ويديه القبلة ضاماً أصابع يديه ماداً لها ويكون علي

أعضائه السبعه الجبهة مع الأنف واليدين والركبتين وبطون أصابع الرجلين ويقول : سبحان ربي الأعلي ويكرر ذلك ثلاثاُ أو أكثر

ويستحب أن يقول مع ذلك : سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم أغفر لي .. ويكثر من الدعاء : لقول النبي صلي الله عليه وسلم فأما الركوع فعظموا

فيه الرب وأما السجود فاجتهدوا فى الدعاء فقمن أن يستجاب لكم ..

وقوله صلي الله عليه وسلم : أقرب مايكون العبد من ربه وهو ساجد : فأكثروا من الدعاء .

ويسأل ربه له ولغيره من المسلمين منه خيري الدنيا والآخرة سواء أكانت الصلاة فرضاً أو نفلاً ويجافي عضدية عن جنبيه وبطنه عن فخذيه وفخذيه عن ساقيه

ويرفع ذراعيه عن الأرض لقول النبي صلي الله عليه وسلم : اعتدلوا فى السجود ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب ..

الجلوس من السجدة الأولي ومايقول فيه

يرفع رأسه مكبراً ويفرش قدمه اليسري ويجلس عليها وينصب رجله اليمني ويضع يديه علي فخذيه وركبتيه ويقول : رب اغفر لي رب اغفر لي رب اغفر

لي ، اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني وعافني واجبرني ..

ويطمئن فى هذا الجلوس حتي يرجع كل فقار إلي مكانه كاعتداله بعد الركوع لأن النبي صلي الله عليه وسلم كان يطيل اعتداله بعد الركوع وبين السجدتين .

السجدة الثانية

يسجد السجدة الثانية مكبراً ويفعل فيها كما فعل فى السجدة الأولي .

القيام للركعة التالية

يرفع رأسه مكبراً ويجلس جلسة خفيفة مثل جلوسه بين السجدتين وتسمي جلسة الاستراحة وهي مستحبة فى أصح قولي العلماء وإن تركها فلا حرج وليس فيها

ذكر ولا دعاء ثم ينهض قائما إلي الركعة الثانية معتمداً علي ركبتيه إن تيسر ذلك وإن شق عليه اعتمد علي الأرض بيديه ثم يقرأ الفاتحة وماتيسر له من القرآن

بعد الفاتحة ثم يفعل كما فعل فى الركعه الأولي ولا يجوز للمأموم مسابقة إمامه لأن النبي صلي الله عليه وسلم حذر أمته من ذلك وتكره موافقته للإمام والسنه له

أن تكون أفعاله بعد إمامه من دون تراخ وبعد إنقطاع صوته ، لقول النبي صلي الله عليه وسلم إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه فإذا كبر فكبروا وإذا ركع

فاركعوا وإذا قال سمع الله لمن حمده ، فقالوا : ربنا ولك الحمد وإذا سجد فاسجدوا .

الصلاة الثنائية

إذا كانت الصلاة ثنائية أي ركعتين كصلاة الفجر والجمعة والعيد جلس بعد رفعه من السجدة الثانية ناصباً رجله اليمني ، مفترشاً رجله اليسري واضعاً يده

اليمني علي فخذه اليمني قابضاً أصابعه كلها إلا السبابة فيشير بها إلي التوحيد عند ذكر الله سبحانه وعند الدعاء وإن قبض الخنصر والبنصر من يده وحلق

إبهامها مع الوسطي وأشار بالسبابة فحسن لثبوت الصفتين عن النبي صلي الله عليه وسلم والأفضل أن يفعل هذا تارة وهذا تارة ويضع يده اليسري علي فخذه

اليسري وركبتيه .

قراءة التشهد

ثم يقرأ التشهد فى هذا الجلوس وهو : التحيات لله والصلوات والطيبات والسلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلي عباد الله الصالحين

أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد ان محمد عبده ورسوله ، اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد كما صليت علي إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد

ويارك علي محمد وآل محمد كما باركت علي إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد ..

الدعاء قبل التسليم

ويستعيذ بالله من أربع ، فيقول : اللهم إني أعوذ بك من عذاب النار ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال

ثم يدعو بما شاء من خيري الدنيا والآخرة وإذا دعا لوالديه أو غيرهما من المسلمين فلا بأس ، سواء أكانت الصلاة فريضة أم نافلة لعموم قول النبي صلي الله

عليه وسلم فى حديث ابن مسعود رضي الله عنه لما علمه التشهد : ثم ليتخير من الدعاء اعجبه إليه فيدعو .. وفي لفظ آخر : ثم ليتخير من المسألة ما

شاء .. وهذا فى جميع ماينفع العبد فى الدنيا والآخرة ..

التسليم قبل الصلاة

ثم يسلم علي يمينه وشماله قائلاً : السلام عليكم ورحمة الله .. السلام عليكم ورحمة الله ..


الصلاة الثلاثية والرباعية

إن كانت الصلاة ثلاثية كالمغرب أو رباعية كالظهر والعصر والعشاء فإنه يقرأ التشهد المذكور آنفاً مع الصلاة علي النبي صلي الله عليه وسلم ثم ينهض قائماً

متعمداً علي ركبتيه رافعاً يديه إلي حذو منكبيه أو أذنيه قائلاً : الله أكبر ، ويضعهما أي يديه علي صدره كما تقدم ويقرأ الفاتحة فقط .

وإن قرأ فى الثالثة والرابعة من الظهر زيادة علي الفاتحة فى بعض الأحيان فلا بأس لثبوت مايدل علي ذلك عن النبي صلي الله عليه وسلم من حديث أبي سعيد

رضي الله عنه وإن ترك الصلاة علي النبي صلي الله عليه وسلم بعد التشهد الأول فلا بأس لأنه مستحب وليس بواجب التشهد الأول ثم يتشهد بعد الثالثة من

المغرب وبعد الرابعة من الظهر والعصر والعشاء ويصلي علي النبي صلي الله عليه وسلم ويتعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا

والممات ومن فتنة المسيح الدجال .. ويكثر من الدعاء ومن الدعاء المشروع فى هذا الموضع وغيره : ربنا آتنا فى الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا

عذاب النار ، ولما ثبت عن أنس رضي الله عنه قال : كان أكثر دعاء النبي صلي الله عليه وسلم : ربنا آتنا فى الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب

النار .. كما تقدم ذلك فى الصلاة الثنائية .

لكن يكون فى هذا الجلوس متوركاً واضعاً رجلة اليسري تحت رجلة اليمني . ومقعدته علي الأرض ناصباً رجله اليمني لحديث أبي حميد في ذلك ثم يسلم

عن يمينه وشماله ، قائلاً : السلام عليكم ورحمة الله .. السلام عليكم ورحمة الله .

الاستغفار بعد الصلاة

ويستغفر الله ثلاثاً ويقول : اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت ياذا الجلال والإكرام لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو علي كل

شئ قدير ، لا حول ولا قوة إلا بالله ، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه له النعمة وله الفضل

وله الثناء الحسن ، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون ..

التسبيح والذكر بعد الصلاة

ويسبح الله ثلاثاُ وثلاثين ويحمده مثل ذلك ويكبره مثل ذلك ، ويقول تمام المائة : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو علي كل شئ قدير

ويقرأ آية الكرسي ، وقل هو الله أحد ، وقل أعوذ برب الفلق ، وقل أعوذ برب الناس .. بعد كل صلاة ويستحب تكرار هذه السور الثلاث ثلاث مرات بعد

صلاة الفجر وصلاة المغرب ، لورود الحديث الصحيح بذلك عن النبي صلي الله عليه وسلم كما يستحب ان يزيد بعد الذكر المتقدم بعد صلاة الفجر والمغرب

قول : لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، له الملك وله الحمد ، يحيي ويميت وهو علي كل شئ قدير .عشر مرات لثبوت ذلك عن النبي صلي الله عليه وسلم

وإن كان إماماً انصرف إلي الناس وقابلهم بوجهه بعد استغفاره ثلاثاً وبعد قوله : اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت ياذا الجلال والإكرام ، ثم يأتي بالأذكار

المذكورة كما دلت علي ذلك أحاديث كثيرة عن النبي صلي الله عليه وسلم منها حديث عائشة رضي الله عنه فى صحيح مسلم وكل هذه الأذكار سنة وليست

بفريضة ..

السنن والرواتب والوتر

ويستحب لكل مسلم ومسلمة أن يصلي قبل صلاة الظهر أربع ركعات وبعدها ركعتين وبعد صلاة المغرب ركعتين وبعد صلاة العشاء ركعتين وقبل صلاة الفجر

ركعتين فالجميع اثنتا عشرة ركعة وهذه الركعات تسمي الرواتب لأن النبي صلي الله عليه وسلم كا يحافظ عليها فى الحضر .

أما في السفر فكان يتركها إلا سنة الفجر والوتر ، فإنه كان صلي الله عليه وسلم يحافظ عليهما حضراً وسفراً ، ولنا فيه أسوة حسنة لقول الله سبحانه : لقد

كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة .. الأحزاب 21 .. وقولة صلي الله عليه وسلم : صلوا كما رآيتموني أصلي ..

والأفضل : أن تصلي هذه الرواتب والوتر فى البيت فإن صلاها فى المسجد فلا بأس لقول النبي صلي الله عليه وسلم : أفضل صلاة المرء فى بيته إلا

الصلاة المكتوبة .

والمحافظة علي هذه الركعات من أسباب دخول الجنه لما ثبت فى صحيح المسلم عن أم حبيبة رضي الله عنها أنها قالت : سمعت رسول الله صلي الله عليه

وسلم يقول : ما من عبد مسلم يصلي لله كل يوم ثنتي عشر ركعة تطوعاً غير فريضة إلا بني الله له بيتاً فى الجنه .. وقد فسرها الإمام الترمذي فى روايته

لهذا الحديث بما ذكرنا .

وإن صلي أربع ركعات قبل صلاة العصر واثنتين قبل صلاة المغرب واثنتين قبل صلاة العشاء فحسن :لقوله صلي الله عليه وسلم : رحم الله امرء صلي

أربعاً قبل العصر ولقوله صلي الله عليه وسلم : بين كل آذانين صلاة بين كل آذانين صلاة ثم قال فى الثالثة : لمن شاء .

وإن صلي أربعاً بعد الظهر وأربعاً قبلها فحسن لقوله صلي الله عليه وسلم : من حافظ علي أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله تعالي علي النار ..

والمعني : أنه يزيد علي السنة الراتبة ركعتين بعد الظهر لأن السنة الراتبة ركعتين بعد الظهر لأن السنة الراتبة أربع قبلها واثنتان بعدها فإذا زاد ثنتين بعدها

حصل ما ذكر فى حديث أم حبيبة رضي الله عنها .

والله ولي التوفيق .. وصلي الله وسلم علي نبينا محمد بن عبدالله وعلي آله وأصحابة واتباعه بإحسان إلي يوم الدين ...