قيام رمضان
عن أبي هريرة عن رسول الله قال: «من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه» متفق عليه.
وعن عبد الرحمٰن بن عوف أن رسول الله ذكر شهر رمضان فقال: «إن رمضان شهر فرض الله صيامه وإني سننت للمسلمين قيامه فمن صامه وقامه إيمانًا واحتسابًا خرج من الذنوب كيوم ولدته أمه» أخرجه النسائي وقال: الصواب عن أبي هريرة.
فقيام رمضان سنة مؤكدة سنها رسول الله وحث عليها ورغب فيها وعمل بها خلفاؤه الراشدون وسائر الصحابة والتابعون لهم بإحسان فينبغي للمسلم أن يحافظ على صلاة التراويح في رمضان وعلى صلاة القيام في العشر الأواخر منه طلبًا لليلة القدر. وقيام الليل مشروع في جميع ليالي السنة وفضله عظيم وثوابه جسيم قال الله تعالى: تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفًا وطمعًا ومما رزقناهم ينفقون( ) وهذا مدح وثناء للقائمين لصلاة التهجد في الليل. ومدح قومًا آخرين فقال: كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون [سورة الذاريات آية: 17 – 18] وقال تعالى: والذين يبيتون لربهم سجدًا وقيامًا [سورة الفرقان آية: 64] وروى الترمذي عن عبد الله بن سلام أن النبي قال: «يا أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصِلُوا الأرحام، وصَلُّوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام».
وللترمذي عن بلال مرفوعًا: «عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم وإن قيام الليل مقربة لكم إلى ربكم ومكفرة للسيئات ومنهاة عن الإثم ومطردة للداء عن الجسد».
وفي حديث الكفارات والدرجات قال: «ومن الدرجات: إطعام الطعام، وطيب الكلام، وأن تقوم بالليل والناس نيام» صححه البخاري والترمذي( ) وقال النبي : «أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل» رواه مسلم.
ومن صلاة الليل: الوتر وأقله ركعة وأكثره إحدى عشرة ركعة فيوتر بركعة مفردة لقول النبي : «من أحب أن يوتر بواحدة فليفعل» رواه أبو داود والنسائي.
أو يوتر بثلاث لقول النبي : «من أحب أن يوتر بثلاث فليفعل» رواه أبو داود والنسائي. فإن أحب سردها بسلام واحد وإن أحب صلى ركعتين وسلم ثم صلى الثالثة.
وله أن يوتر بخمس فيسردها جميعًا لا يجلس ولا يسلم إلا في آخرهن لقول النبي : «من أحب أن يوتر بخمس فليفعل» رواه أبو داود والنسائي. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان النبي يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة يوتر من ذلك بخمس لا يجلس في شيء منهن إلا في آخرهن) متفق عليه.
وله أن يوتر بسبع فيسردها كالخمس لقول أم سلمة رضي الله عنها: (كان النبي يوتر بسبع وبخمس لا يفصل بينهن بسلام ولا كلام) رواه أحمد والنسائي وابن ماجة.
وله أن يوتر بتسع أو بإحدى عشرة أو بثلاث عشرة ركعة والأفضل أن يسلم من كل ركعتين ثم يوتر بواحدة.
وصلاة الليل في رمضان لها فضيلة ومزية على غيرها.
وقيام رمضان شامل للصلاة في أول الليل وفي آخره، فالتراويح من قيام رمضان فينبغي الحرص عليها والاعتناء بها واحتساب الأجر والثواب من الله عليها. وما هي إلا ليالٍ معدودة ينتهزها المؤمن العاقل قبل فواتها.
ولا ينبغي للرجل أن يتخلف عن صلاة التراويح لينال ثوابها وأجرها ولا ينصرف حتى ينتهي الإمام منها ومن الوتر ليحصل له أجر قيام الليل كله لقول النبي : «من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة» الحديث رواه اهل السنن بسند صحيح( ).
والتراويح سنة وفعلها جماعة أفضل وفعل الصحابة لها مشهور وتلقته الأمة عنهم خلفًا بعد سلف وليس لها حد معين فله أن يصلي عشرين ركعة أو ستًا وثلاثين ركعة أو إحدى عشرة أو ثلاث عشرة ركعة وكل حسن فيكون تكثير الركعات وتقليلها بحسب طول القيام وقصره والمطلوب في الصلاة الخشوع والطمأنينة وحضور القلب وترتيل القراءة وذلك لا يحصل مع السرعة والعجلة ولعل الاقتصار على إحدى عشرة ركعة يكون أولى( ).