لـوٍط عـلـيـه ـآ‘لـسـلام
* نشأة لوط عليه السلام : فى أرض بابل العراق ولد لوط بن هاران بن آزر ، فهو بن أخي سيدنا إبراهيم عليه السلام ، ونشأ لوط
فوجد والده يصنع الأصنام ويعبدها هو وقومه إلا عمه إبراهيم عليه السلام فإنه كان يعبد الله الواحد الأحد ولا يعبد هذه الأصنام التي يعلم
أنها لا تنفع لا تضر ، وكان لوط يجد الحب والعطف والأمان في بيت عمه إبراهيم عليه السلام فكان يمكث فى منزله فترات كثيرة وكانت
زوجة عمه إبراهيم السيدة سارة تعطف عليه وتعامله بحنان وخاصة أنها لم ترزق بأولاد فكانت تعتبره ابناً لها فنشأ لوط وتعلم أخلاق النبوة
في بيت عمه إبراهيم وشاهد بعينه هذه الآيه التي حدثت لعمه عندما ألقاه قومه فى النار ونجاه الله منها .
فزاد إيمان لوط بقدرة الله وتصديق نبوة عمه سيدنا إبراهيم عليه السلام .
* الدعوة وتبليغ الرسالة : وأراد إبراهيم أن يترك أرض العراق بعد أن عاند قومه ولم يؤمن معه أحد إلا ابن أخيه لوط عليه السلام
فأمر سيدنا إبراهيم عليه السلام ابن أخيه لوط بأن يستعد للهجرة من هذه البلاد إلي أرض الشام لكي يدعو أهلها فخرج لوط مع عمه
وزوجته وعندما دخل نبي الله ابراهيم عليه السلام أرض فلسطين المباركة أوحي الله إلي لوط عليه السلام أنه قد اصطفاه وجعله نبياً من
الأنبياء وامره بدعوة اهل سدوم .
فذهب لوط عليه السلام فاستأذن من عمه إبراهيم في الذهاب ليؤدي رسالة الله ودعوة أهل سدوم لعبادة الله وترك المنكرات وفعل الخيرات
والبعد عن الموبقات .
* معصية أهل سدوم : ذهب لوط إلي أهل سدوم فوجدهم علي معاصي كثيرة ويفعلون أمور غريبة وعجيبة فكانوا يقطعون الطريق علي
الغرباء والمسافرين ويسرقون وأموالهم ويأخذون كل مامعهم ، ومن يعترض عليهم قتلوه ..
وكان أهل سدوم أول من قاموا بارتكاب معصية عظيمة لم يسبقهم أحد في فعلها ، وجدهم يرتكبون الزنا ولكن ليس مع النساء ، بل مع
الرجال وهذا مايسمي اللواط فإنهم يتركون قضاء الشهوة مع النساء ويقعون فى اللواط مع الرجال وهذا عجيب جداً لم يقع حتي فى الحيوانات
فضلاً عن الإنسان فإن الله قد جعل أمراً طبيعياً بين المخلوقات أن الذكر يتزوج الأنثي ويقضي شهوته منها فقط ..
وقد ذكر الله هذا الفعل القبيح وخطاب سيدنا لوط لهم فقال عز وجل : وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ
إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ .. الأعراف 80-81 ..
* نصيحة لوط لقومه : ظل سيدنا لوط عليه السلام فى نصيحة قومه مراراً في محاولة منه أن يصلح ما هم عليه من الفساد واللواط
والأفعال القبيحة التي لم يسبقهم إليها أحد ، وحذرهم من غضب الله عليهم فإن غضبه شديد أليم وأعاد لوط النصيحة علي قومه مرة بعد
مرة ولكنهم عاندوه واستكبروا وكرهوا الاستماع إلي كلامه لأنه ينهاهم عن أمور يحبونها ولن يتركوها لكلامه مهما فعل ، ثم قرروا فيما بينهم
أن يهددوه بإخراجه من بينهم لأنه يخالفهم فيما يفعلون .
فقال الله عز وجل : وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ .. الأعراف 82
وفى هذه الآيه يخبرنا الله أنهم يعتبرون الطهر والعفاف الذي يدعوهم إليه لوط عليه السلام يعتبر عندهم جريمة وعيب كبير ، فكان هذا
هو جوابهم علي دعوة سيدنا لوط لهم ، فقرروا إخراجه من قريتهم ، وعزموا امرهم علي ذلك .
لأنه أصبح المنكر عندهم معروفاًُ ، والمعروف منكراً بل كان لهم مجالس يفعلون فيها كل منكر وقبيح وذكر مساوئ الناس وعيوبهم ..
وقد ذكر الله ذلك أيضاً فى كتابه فقال تعالي : وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ
أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ .. العنكبوت :28-29 ..
فأعاد سيدنا لوط نصيحتهم وتحذيرهم من عذاب الله عقاباً لهم معاصيهم وأفعالهم القبيحة فعاندوا واستكبروا وقالوا له : يالوط إنك تخوفنا
بعذاب الله كثيراً فأت به إن كنت صادقاً .
فذكر الله ذلك فى كتابه فقال : فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ .. العنكبوت : 29
* دعاء لوط علي قومه : بعد أن ظل لوط عليه السلام يدعو قومه وينهاهم ويحذرهم من عذاب الله علي أفعالهم القبيحة وخاصة فعل
اللوط لم يستجيبوا له ، فغضب عليهم واعتزلهم ودعا عليهم أن يرسل الله عليهم العذاب ، لأنهم أكثروا من فعل الشر ولم يقبلوا دعوته
إلي الخير والفلاح ، ولم يدعو عليهم إلا بعد عنادهم واستكبارهم وقد جهروا بالمعصية وفعلوها علانية دون خجل أو خوف من الله أو من الناس
وقد ذكر الله دعاء سيدنا لوط علي قومه قائلاً : قَالَ رَبِّ انصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ .. العنكبوت : 30
* زيارة الملائكة لسيدنا لوط : وفى هذه الأحوال دخل قرية سدوم ثلاثة من الملائكة هم : جبريل وميكائيل وإسرافيل ..
وكانوا فى هيئة رجال ذو مناظر جميلة لزيارة سيدنا لوط فلما رآهم خاف عليهم من فعل قومه بالرجال فطلبوا منه أن يكونوا ضيوفه هذه الليلة ..
فحاول سيدنا لوط أن يخبرهم أن أهل هذه القرية قوم سوء وحاول معهم لكي يخرجوا من القرية ولكن الضيوف الثلاثة أصروا علي أن يضيفهم لوط .
فما كان من لوط عليه السلام إلا أن وافق وهو خائف عليهم أن يشعر بهم أحد فما كان من زوجة لوط عليه السلام وكانت علي دين قومها
إلا أن أسرعت بالخروج وأخبرت قومها وقالت : إن فى بيت لوط رجال مارأيت أحسن منهم منظراً ..
فجاء القوم مسرعين إلي بيت لوط يريدون هؤلاء الأضياف .
فقال لهم لوط عليه السلام : قَالَ إِنَّ هَؤُلاء ضَيْفِي فَلاَ تَفْضَحُونِ
وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلاَ تُخْزُونِ .. الحجر 68-69 ..
وقال لهم : عندكم النساء فى القرية فتزوجوا بهم واتركوا ضيوفي ولا تمسوهم بسوء أليس منكم رجل حكيم رشيد .
ولكن قومه رفضوا إلا أن يدخلوا علي ضيوفه ، فما كان منه إلا أن شكا إلي الله موقفه هذا وأنه ليس له أحد ينقذه مما هو فيه .
* بداية العذاب : فلما أصر قوم لوط علي رأيهم كشف الضيوف عن حقيقة أمرهم وأنهم ملائكة وليسوا بشراً قد أرسلهم الله بالعذاب علي
قوم لوط .
ودخل قوم لوط البيت بالقوة يريدون ضيوفه بالسوء فإنهم يظنونهم أنهم رجال ، فضرب جبريل عليه السلام وجوههم فأعمي أبصارهم وكان ذلك
بداية العذاب وطلبت الملائكة من لوط عليه السلام أن يخرج هو والذين آمنوا معه ليلاً لأن العذاب سيقع بقومه صباحاً ولا يلتفت أحد خلفه
إلا زوجته فإنها ستكون من الهالكين ، لأنها كانت تخبر قومها عن ضيوف لوط وتفشي أسراره إليهم .
* تدمير القرية : وفي الليل خرج لوط عليه السلام ومن آمن معه وتركوا القرية كما أمره بذلك الملائكة الكرام .
وفي الصباح أرسل الله العذاب الشديد علي القوم الكافرين فبدأت السماء تنزل ماءً عبارة عن حجارة من النار هدمت البيوت وأهلكت الناس
وقام سيدنا جبريل برفع القرية بالكامل بطرف جناحه إلي السماء الأولي حتي سمعت الملائكة فى السماء أصوات الكلاب ، وقلبها علي الأرض
فدمر الله القريو بأكملها وأهلكهم .
فقال الله تعالي فى كتابه : قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيَ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ .. هود:28
فأصبحت قرية سدوم عبرة للناس أجمعين من بعدهم ونجي الله سيدنا لوط ومن آمن معه برحمته وفضله بسبب إيمانهم وخشيتهم لله عز وجل