المحبة 1
بسم الله الرحمن الرحيم
قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ
أيها المسلمون : اليوم يوم عيد يوم سعادة وفرح يوم صفاء ومحبة بين الأصدقاء والأصحاب بين الأقارب والجيران .وثمن هذه المحبة غرف مضيئة في الجنة خاصة بهؤلاء المتحابين في الله .
روى الإمام أحمد قول رسول الله : إن المتحابين لترى غرفهم في الجنة كالكوكب الطالع الشرقي أو الغربي فيقال من هؤلاء فيقال هؤلاء المتحابون في الله عز وجل .
والله سبحانه وتعالى يكرم المتحابين فيه فيظلهم في ظله يوم لا ملجأ ولا مفر من الله إلاّ إليه .
روى الإمام مسلم قول رسول الله : إن الله يقول يوم القيامة أين المتحابون بجلالي ، اليوم أظلهم في ظلّي يوم لا ظل إلاّ ظلّي .
وفي صحيح البخاري قول رسول الله : سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظلّ إلاّ ظله منهم رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه .
والله سبحانه وتعالى يحب المتحابين فيه وهل هناك جائزة أفضل من أن نحظى بمحبة الله .
روى الإمام أحمد قول رسول الله : إن الله عز وجل يقول قد حقت محبتي للذين يتحابون من أجلي وحقت محبتي للذين يتصافحون من أجلي وحقت محبتي للذين يتباذلون من أجلي ، وحقت محبتي للذين يتزاورون من أجلي ، وحقت محبتي للذين يتناصرون من أجلي .
وفي رواية أخرى : قال رسول الله يقول الله عز وجل وجبت محبتي للمتحابين فيّ والمتجالسين فيّ والمتزاورين فيّ والمتباذلين فيّ .
إذاً كيف تكون المحبة لله عز وجل هل تكون المحبة لله عندما نرى ديوان فلان لا يخلو من الزوار لأنه صاحب مال وصاحب جاه دنيوي .أما من الناحية الدينية فهو غير ملتزم حتى بالأمور الأساسية كالصلاة مثلاً .
فهل محبة لناس لهذا الشخص لله أم للمال أم للجاه ، كل صاحب عقل يستطيع أن يميز هذا الأمر ببساطة .
إذاً المحبة لله هي أن تحب المؤمنين والصالحين وتبغض الكافرين والمفسدين والعصاة والمخالفين لشرع الله تحب من أحب الله وسار على نهج رسول الله حتى لو خالفك في بعض آرائك وتبغض من يبغضه الله حتى ولو وافقك في أغراضك ومصالحك .
نحب من نراه يصلي ويصوم ، يحج ويزكي ويتصدق ، صدوق إذا تحدث وفيٌّ إذا عاهد وواعد ، لا يؤذي أحد بلسانه ولا بيده .
أحب الصالحين ولسـت منهم لعلي أن أنال به شـفاعة
و أكره من تجارته المعاصي ولو كنا سواء في البضاعة
ومن جهة أخرى نبغض من ظلم نفسه وتعدى حدود ربه في الزنا أو الخمر أو أكل المال الحرام أو شهادة الزور .نبغض من يغتصب الحقوق ويؤذي العباد ، نبغض من يترك صلاته ويمنع زكاته ويخرج نساءه وبناته كاشفات الرؤوس والصدور ، نبغض من يسعى وراء الفتنة بين المسلمين .
هذه هي المحبة لله والبغض لله ، ورسول الله يقول : أوثق عرى الإيمان أن تحب في الله وتبغض في الله .
والله سبحانه وتعالى يقول لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْأِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ
وروى الإمام مسلم قول رسول الله أن رجلاً زار أخاً له في الله في قرية أخرى فأرصد الله له على مدرجته أي طريقه ملكاً بصورة إنسان ، فأتى عليه قال أين تريد قال أريد أخاً لي في هذه القرية قال هل لك عليه نعمة تَرُبُّها أي هل لك عنده مصلحة دنيوية تريد أن تسأل عنها .
قال لا غير أني أحببته في الله عز وجل قال فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه .
فأنت عندما ترضي الله ويحبك الله فإنه ينزل هذه المحبة في قلوب عباده روى الترمذي قول رسول الله
إذا أحب الله عبداً نادى جبريل إني قد أحببت فلاناً فأحبه قال فينادي في السماء ثم تتنزل له المحبة في أهل الأرض فذلك قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً
أيها المسلمون
من واجب الإنسان إذا أحبه شخصاً أن يعلمه بهذه المحبة هنا ما أمر به رسول الله في الحديث الذي رواه الإمام أحمد عن أنس بن مالك قال كنت جالساً عند رسول الله إذ مر رجل فقال رجل من القوم يا رسول الله إني لأحب هذا الرجل قال هل أعلمته قال لا فقال قم فأعلمه فقام إليه فقال يا هذا والله إ ني لأحبك في الله قال الرجل أحبك الله الذي أحببتني له .
فالله سبحانه و تعالى يريد أن تنتشر المحبة بيننا ليفتح لنا أبواب الجنة إن شاء الله أما الذين يتخاصمون على الأمور الدنيوية فهم محرومون من رضوان الله أو مغفرته ورسول الله يقول تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين والخميس فيغفر لكل عبد مسلم لا يشرك بالله شيئاً إلا رجلاً كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال انظروا هذين حتى يصطلحا .
أي أنه لا يغفر للمتخاصمين والمتباغضين حتى يصطلحوا وتعود المحبة بينهم، وهذا يوم عيد يوم تسامح ومحبة نسأل الله أن يمنحنا الإرادة والعزيمة والقوة التي تجعلنا ننسى الأحقاد وننظف القلوب من الكراهية و نملأها بالمحبة الصادقة حتى نلقى الله بقلوب صافية تملؤها المحبة فننال بذلك محبة الله سبحانه وتعالى
ولا تستوي الحسنة ادفع بالتي هي أحسن "