السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اخوتي الكرام
نحن الآن في احد الاشهر الفضيلة وهو شهر شعبان
ونسأل الله ان يوفقنا لكل خير في هذا الشهر
وبما اننا لا نزال في اوله فلدينا الفرصة الكبيرة
لاستغلال هذا الشهر
والان لنرى ما هذا الشهر
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ }
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن لربكم في أيام دهركم نفحات ، فتعرضوا لها ، لعل أحدكم أن تصيبه منها نفحة لا يشقى بعدها أبدا »
وفي مسند أحمد عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ :>> كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ رَجَبٌ قَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي رَجَبٍ وَشَعْبَانَ وَبَارِكْ لَنَا فِي رَمَضَانَ ـ وفي رواية ـ وبلغنا رمضان <<
إن مما اختص الله به هذه الأمة أن أكثر لها مواسم الخير كي يكثروا من الطاعة فيزداد أجرهم ومكانتهم عند الله . والله يختص برحمته من يشاء
ثم أتم الله فضله على هذه الأمة فجعل مواسم الخير هذه متوالية كي لا تبتعد هذه الأمة طويلاً عن مواطن رحمته ونفحاته.
فمن شهرٍ مبارك إلى شهر مبارك آخر حتى صارت السنة كلها أشهراً مباركة عظيمة وهذه مزية لأمة المصطفى
فمن رجب الأصب إلى شعبان العظيم إلى رمضان الكريم إلى شوال أول أشهر الحج
إلى ذي القعدة وذي الحجة ومحرم الأشهر الحرم ,
ولذلك كان رسولنا الحبيب يشير في دعائه المعروف إلى هذا الارتباط بين هذه المواسم سائلاً ربه أن يجمع له ولأمته خيرات هذه المواسم فقال :اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي رَجَبٍ وَشَعْبَانَ وبلغنا رمضان
فلك الحمد يا إلهي أن خصصتنا بهذه العطايا والمزايا الجسيمة,
وندعوك يارب بدعاء حبيبك المصطفى اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي رَجَبٍ وَشَعْبَانَ وبلغنا رمضان
أحبتي في الله : إننا نعيش الآن ـ وكما تعلمون ـ في أيام فيها من نفحات الله ما فيها , إنها أيام شهر شعبان , وَسُمِّيَ شَعْبَانَ لِتَشَعُّبِهِمْ فِي طَلَب الْمِيَاهِ أَوْ فِي الْغَارَات بَعْد أَنْ يَخْرُج شَهْر رَجَب الْحَرَام .
هذا الشهر العظيم الذي اختصه الله بكثير من المزايا والفضائل ,
وسنتحدث في هذه الخطبة إن شاء الله عن بعض من هذه الفضائل والخصوصيات
*ـ فأول هذه الخصوصيات : أن شهر شعبان ترفع فيه الأعمال إلى الله وهذا هو الرفع العامّ السنوي ,
وإلا فقد جاء في الحديث أن الأعمال تـُرفـَع في يوم الاثنين والخميس, وهذا هو الرفع الأسبوعي .
كما جاء في الحديث أن الأعمال تـُرفـع في كل يوم , وهذا هو الرفع اليومي
ولذلك فقد تنبّهَ لهذه القضية الصحابي الجليل أسامة بنُ زيد حـِبُّ رسول الله وابن حبـِّه, فقال :
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ الْأَيَّامَ يَسْرُدُ حَتَّى يُقَالَ لَا يُفْطِرُ وَيُفْطِرُ الْأَيَّامَ حَتَّى لَا يَكَادَ أَنْ يَصُومَ إِلَّا يَوْمَيْنِ مِنْ الْجُمُعَةِ إِنْ كَانَا فِي صِيَامِهِ وَإِلَّا صَامَهُمَا وَلَمْ يَكُنْ يَصُومُ مِنْ شَهْرٍ مِنْ الشُّهُورِ مَا يَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ تَصُومُ لَا تَكَادُ أَنْ تُفْطِرَ وَتُفْطِرَ حَتَّى لَا تَكَادَ أَنْ تَصُومَ إِلَّا يَوْمَيْنِ إِنْ دَخَلَا فِي صِيَامِكَ وَإِلَّا صُمْتَهُمَا قَالَ أَيُّ يَوْمَيْنِ قَالَ قُلْتُ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمُ الْخَمِيسِ قَالَ ذَانِكَ يَوْمَانِ تُعْرَضُ فِيهِمَا الْأَعْمَالُ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ وَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ قَالَ قُلْتُ وَلَمْ أَرَكَ تَصُومُ مِنْ شَهْرٍ مِنْ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ قَالَ ذَاكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ وَهُوَ شَهْرٌ تـُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ
والمقصود من هذا الرفع هو أنه مظهر من مظاهر المـُلك الإلهي , وإظهارٌ لأعمال بني آدم في الملأ الأعلى عند الملائكة تشريفاً وتكريماً وتعظيماً لهم ومباهاة بهم, وإلا فالله غني عن هذا الرفه ِ كلـِّه، فهو عالم الغيب والشهادة لاتخفى عليه خافية.
*ـ ومن فضائل شهر شعبانَ أنه تـُقـَدَّر فيه الأعمار, والمقصود إظهار هذا التقدير وإبرازه, وإلا فإن أفعال الحق لا تـُقـَيـَّدُ بزمان ولا مكان لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ففي الحديث الحَسَن عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم شعبان كله . قالت : قلت : يا رسول الله أحب الشهور إليك أن تصومه شعبان . قال : « إن الله يكتب على كل نفس ميتة تلك السنة ، فأحب أن يأتيني أجلي وأنا صائم » .
* ـ ومنها أن الصيام فيه مضاعفُ الأجر فيما سواه من الشهور ـ عدا رمضان ـ وهذا ما استنبطه العلماء من حديث للنبي
عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ أَوْ لِآخَرَ أَصُمْتَ مِنْ سُرَرِ شَعْبَانَ قَالَ لَا قَالَ فَإِذَا أَفْطَرْتَ فَصُمْ يَوْمَيْنِ واختلف العلماء في معنى سُرَر شعبان فقيل أولـُه وقيل وسطـُه وقيل آخرُه , ولكلٍّ أدلــَّتـُه, مما يؤكد فضيلة هذا الشهر من أول يوم إلى آخر يوم فيه.
وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى فَضِيلَة الصَّوْم فِي شَعْبَان وَأَنَّ صَوْم يَوْم مِنْهُ يَعْدِل صَوْم يَوْمَيْنِ فِي غَيْره أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيث " فَصُمْ يَوْمَيْنِ مَكَانَهُ " يَعْنِي مَكَانَ الْيَوْمِ الَّذِي فَوَّتَهُ مِنْ صِيَام شَعْبَان
وهذا يسوقنا للحديث عن حكم الصيام في شهر شعبان وفضيلته , فقد وردت أحاديثُ كثيرة تبين فضل الصيام في شعبان
1ـ ففي صحيح مسلم : ((عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا
عَنْ صِيَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ كَانَ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ قَدْ صَامَ وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ قَدْ أَفْطَرَ وَلَمْ أَرَهُ صَائِمًا مِنْ شَهْرٍ قَطُّ أَكْثَرَ مِنْ صِيَامِهِ مِنْ شَعْبَانَ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلَّا قَلِيلًا ))
= وَاخْتُلِفَ فِي الْحِكْمَة فِي إِكْثَارِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ صَوْم شَعْبَان
فَقِيلَ : كَانَ يَشْتَغِلُ عَنْ صَوْم الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ مِنْ كُلّ شَهْر لِسَفَرٍ أَوْ غَيْره فَتَجْتَمِعُ فَيَقْضِيهَا فِي شَعْبَان
عَنْ عَائِشَة " كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُوم ثَلَاثَة أَيَّام مِنْ كُلّ شَهْر ، فَرُبَّمَا أَخَّرَ ذَلِكَ حَتَّى يَجْتَمِعَ عَلَيْهِ صَوْم السَّنَة فَيَصُوم شَعْبَان "
وَقِيلَ : كَانَ يَصْنَع ذَلِكَ لِتَعْظِيمِ رَمَضَان ، وَوَرَدَ فِيهِ حَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ عَنْ ثَابِت عَنْ أَنَس قَالَ " سُئِلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الصَّوْم أَفْضَل بَعْد رَمَضَان قَالَ شَعْبَان لِتَعْظِيمِ رَمَضَان
وَقِيلَ : الْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ يُعْقِبُهُ رَمَضَانُ وَصَوْمه مُفْتَرَضٌ ، وَكَانَ يُكْثِر مِنْ الصَّوْم فِي شَعْبَان قَدْرَ مَا يَصُوم فِي شَهْرَيْنِ غَيْرِهِ لِمَا يَفُوتُهُ مِنْ التَّطَوُّع بِذَلِكَ فِي أَيَّام رَمَضَانَ
وَالْأَوْلَى فِي ذَلِكَ الحديث الذي ذكرناه عَنْ أُسَامَة بْن زَيْدٍ قَالَ " قُلْت يَا رَسُول اللَّه لَمْ أَرَك تَصُومُ مِنْ شَهْر مِنْ الشُّهُور مَا تَصُوم مِنْ شَعْبَان ، قَالَ : ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاس عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَان ، وَهُوَ شَهْر تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَال إِلَى رَبّ الْعَالَمِينَ فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ "
ولا تعارض بين هذه الأحاديث المرغبة في صيام شعبان وبين أحاديث َ أخرى ورد فيها النهيُ عن الصيام في النصف الثاني من شعبان
فقد جاء أن النبي قَالَ إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَلَا تَصُومُوا
وقَالَ لَا تُقَدِّمُوا صَوْمَ رَمَضَانَ بِيَوْمٍ وَلَا يَوْمَيْنِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ صَوْمٌ يَصُومُهُ رَجُلٌ فَلْيَصُمْ ذَلِكَ الصَّوْمَ
فمَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ مُفْطِرًا فَإِذَا بَقِيَ مِنْ شَعْبَانَ شَيْءٌ أَخَذَ فِي الصَّوْمِ لِحَالِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يُشْبِهُ قَوْلَهُمْ حَيْثُ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَقَدَّمُوا شَهْرَ رَمَضَانَ بِصِيَامٍ إِلَّا أَنْ يُوَافِقَ ذَلِكَ صَوْمًا كَانَ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ وَقَدْ دَلَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّمَا الْكَرَاهِيَةُ عَلَى مَنْ يَتَعَمَّدُ الصِّيَامَ لِحَالِ رَمَضَانَ فيُحْمَلَ النَّهْيُ عَلَى مَنْ لَمْ يَدْخُلْ تِلْكَ الْأَيَّام فِي صِيَامٍ اِعْتَادَهُ
*_ ومن مزايا شهر شعبان وقوع كثير من الحوادث والوقائع الهامّة وسنفرد الحديث عنها
إن شاء الله عن أهم هذه الأحداث
اللهم بارك لنا في شهورنا وأيامنا المباركة واجعلنا ممن يغتنمونها على الوجه الذي يرضيك يارب العالمين
أقول قولي هذا .............................