اختصار رسالة الشيخ / عبد الرحمن بن ناصر السعدي _ رحمه الله تعالى _ ( الوسائل المفيدة للحياة السعيدة )
الحمد لله الذي له الحمد كله , والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .
أما بعد : فان راحة القلب وسروره وزوال همومه وغمومه , هو المطلب لكل احد , وبه تحصل الحياة الطيبة , ولذلك أسباب دينية , وأسباب طبيعية , وأسباب علمية , ولا يمكن اجتماعها كلها إلا للمؤمنين .
1_ وأعظم الأسباب لذلك واصلها هو : الإيمان والعمل الصالح , قال تعالى : " من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينّهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون" ( النحل : 97 ) .
2_ ومن الأسباب التي تزيل الهم والغم والقلق : ( الإحسان إلى الخلق بالقول والفعل وأنواع المعروف ) .
3_ ومن أسباب دفع القلق الناشئ عن توتر الأعصاب , واشتغال القلب ببعض المكدرات : ( الاشتغال بعمل من الأعمال أو علم من العلوم النافعة ) , فان تلهي القلب عن اشتغاله بذلك الأمر الذي أقلقه , وينبغي أن يكون الشغل الذي يشتغل فيه مما تأنس به النفس وتشتاقه .
4_ ومما يدفع به الهم والقلق : ( اجتماع الفكر كله على الاهتمام بعمل اليوم الحاضر , وقطعه عن الاهتمام في الوقت المستقبل , وعن الحزن على الوقت الماضي ) .
5_ ومن اكبر الأسباب لانشراح الصدر وطمأنينته : ( الإكثار من ذكر الله ) , قال تعالى : " ألا بذكر الله تطمئن القلوب " ( الرعد : 28 )
6_ وكذلك ( التحدث بنعم الله الظاهرة والباطنة ) , فان معرفتها والتحدث بها يدفع الله به الهم والغم .
7_ استعمال ما ارشد إليه النبي _ صلى الله عليه وسلم _ في الحديث الصحيح حيث قال : " انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فانه أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم " ( رواه البخاري ومسلم ) .
8_ ومن الأسباب الموجبة للسرور وزوال الهم والغم : ( السعي في إزالة الأسباب الجالبة للهموم , وفي تحصيل الأسباب الجالبة للسرور ) .
9_ ومن انفع ما يكون في ملاحظة مستقبل الأمور : استعمال الدعاء الذكي كان النبي _ صلى الله عليه وسلم _ يدعو به ) : " اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري , وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي , وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي, واجعل الحياة زيادة لي في كل خير , والموت راحة لي من كل شر " ( رواه مسلم ) .
10_ ومن انفع الأسباب لزوال القلق والهموم إذا حصل على العبد من النكبات : ( أن يسعى في تخفيفها بان يقدر أسوأ الاحتمالات التي ينتهي إليها الأمر , ويوطن على ذلك نفسه ) .
11_ ومن أعظم العلاجات لأمراض القلب العصبية , بل وأيضا للأمراض البدنية : ( تقوية القلب باعتماده على الله , وعدم انزعاجه < القلب > وانفعاله للأوهام والخيالات التي تجلبها الأفكار السيئة ) .
12_ وفي قول النبي _ صلى الله عليه وسلم _ : " لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها خلقا آخر " ( رواه مسلم ) , فائدتان عظيمتان :
إحداهما : الإرشاد إلى معاملة الزوجة والقريب والصاحب والمعامل , وكل من بينك وبينه علقة اتصال , وانه ينبغي أن توطن نفسك على انه لابد أن يكون فيه عيب أو نقص أو أمر تكرهه , وتتذكر ما فيه من المحاسن والمقاصد .
الفائدة الثانية : وهي زوال الهم والقلق , وبقاء الصفاء , والمداومة على القيام بالحقوق الواجبة والمستحبة , وحصل الراحة بين الطرفين .
13_ العاقل يعلم أن حياته الصحيحة حياة السعادة والطمأنينة , وأنها قصيرة جدا , فلا ينبغي له أن يقصرها بالهم والاسترسال مع الاكدار فان ذلك ضد الحياة الصحيحة .
14_ وينبغي أيضا إذا أصابه مكروه أو خاف منه أن يقارن بينه وبين بقية النعم الحاصلة له دينية أو دنيوية .
15_ ومن الأمور النافعة : ( أن تعرف أن أذية الناس لك وخصوصا في الأقوال السيئة , لا تضرك , بل تضرهم ) , إلا إن شغلت نفسك في الاهتمام بها .
16_ واعلم أن حياتك تبع لأفكارك , فان كانت أفكارك فيما يعود عليك نفعه في دين أو دنيا فحياتك طيبة سعيدة , وإلا فالأمر عكس .
17_ ومن انفع الأمور لطرد الهم : ( أن توطن نفسك على أن لا تطلب الشكر إلا من الله ) , فان أحسنت إلى من له حق عليك أو من ليس له حق , فاعلم أن هذا معاملة منك مع الله : " إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا ) ( الإنسان : 9 ) .
18_ اجعل الأمور النافعة نصب عينيك واعمل على تحقيقها , ولا تلتفت إلى الأمور الضارة .
19_ ومن الأمور النافعة : ( حسم الأعمال في الحال والتفرغ في المستقبل ) , لأنك إن لم تحسمها اجتمعت عليك الأعمال اللاحقة مع الأعمال السابقة , فيشق عليك انجازها .
20_ وينبغي أن تتخير من الأعمال النافعة الأهم فألاهم , وميّز بين ما تميل إليه وتشتد رغبتك فيه .
والحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على سيد المرسلين , وعلى آله وأصحابه الطاهرين , وسلم .