بسم الله الرحمن الرحيم
اختصار كتاب ( المنهل العذب النمير في سيرة السراج المنير )
" اشهد الله تعالى أني قرأت المادة العلمية كاملة مع التدبّر والتفكّر , وأشهده أني قمت باختصارها بنفسي "
بسم الله الرحمن الرحيم , والصلاة والسلام على خاتم النبيين والمرسلين , سيدي , وقائدي , وحبيبي , وقرة عيني , محمد الرسول الكريم , صاحب السيرة العظيمة الشريفة , والأخلاق الرفيعة الحميدة .
حياته قبل البعثة
نسب النبي _ صلى الله عليه وسلم _ :
إن نبينا هو خير الناس نسبا , وشرف وعلوا , فهو : محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي ابن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان .
وأبوه عدنان : من ولد إسماعيل صاحب القربان , ابن إبراهيم خليل الرحمن .
مولده _ صلى الله عليه وسلم _ ونشأته :
ولد _ صلى الله عليه وسلم _ في عام الفيل , توفي أبوه ولم يطلع على الدنيا , ثم توفت أمه آمنة , ولم يبلغ بعد سنه السابعة .
تكفل به جده عبد المطلب , فقام برعايته وتربيته , حتى توفته المنية .
زواجه من خديجة بنت خويلد _ رضي الله عنها _ :
لما بلغ _ عليه الصلاة والسلام _ الخامسة والعشرين من العمر , تزوج خديجة بنت خويلد وهي قد بلغت سنها الأربعين , وهي أول زوجاته _ صلى الله عليه وسلم _ وأم أولاده , إلا ابنه إبراهيم فأمه ماريا القبطية .
أولاده _ صلى الله عليه وسلم _ وذريته :
البنين : فكان عنده _ بأبي هو وأمي _ اثنين من الذكور , فأكبرهما سيد الثقلين القاسم , أما الطيب الطاهر فهو عبد الله , وقد ماتا صغيرين .
البنات : فكانوا أربع , أكبرهن زينب _ رضي الله عنها _ التي زوجها نبينا _ عليه أفضل الصلاة والتسليم _ لابن خالتها هالة بنت خويلد , أبي العاص ابن الربيع _ رضي الله عنه _ وقد أنجبت له عليّا وامامة .
أما رقية _ رضي الله عنها _ , فقد زوجها الحبيب _ صلى الله عليه وسلم _ لصاحبه عثمان بن عفان _ رضي الله عنه _ الذي كان خير الزوج لها , حيث انه تخلف عن غزوة بدر بأمر الرسول _ صلى الله عليه وسلم _ ليبقى عندها ويمرضها , فتوفيت من شدة الحمى _ رضي الله عنها _ وأبوها _ عليه أفضل الصلاة والتسليم _ منشغلا في قتال المشركين .
وأما أم كلثوم _ رضي الله عنها _ , فقد زوجها رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ بعد وفاة أختها رقية بستة أشهر لعثمان _ رضي الله عنه _ , إكراما له , ولمكانته عند رسول الله _ صلوات الله وسلامه عليه _ فحق له أن يكون ذي النورين .
وأما فاطمة الزهراء _ رضي الله عنها _ , فكانت أصغرهن سنا , وأكثرهن حبا لرسول الله _ صلى اله عليه وسلم _ زوجها أباها _ صلى الله عليه وسلم _ لابن عمه علي _ رضي الله عنه _ , فولدت له الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة , وولدت له زينب وأم كلثوم .
والجدير بالذكر أن جميع بنات رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ توفين قبل وفاته إلا ابنته فاطمة أبت أن تفارقه , حتى فارقها هو _ فداه ما املك _ ولحقت به بعد وفاته بستة أشهر .
بعثته _ صلى الله عليه وسلم _ :
لما بلغ سن الكمال أربعين سنة , بدأت تظهر عليه فوالق البعثة , فكان يرى في منامه رؤى الصلاة , وحبذ _ عليه أفضل الصلاة والتسليم _ الخلوة , فكان يختلي في غار حراء , يتأمل هذا الكون موقنا في قرارة نفسه أن لهذا الكون خالق و آله غير الأوثان والأصنام التي تعبدها قريش , حتى نزل عليه روح القدس بالوحي , و أمره بتبليغ رسالة ربه , فخرج على قومه يدعوهم بدعوة الحق دعوة الصلاح والفلاح , ليؤمنا بربهم فالق الاصباح , فما كان من قومه إلا أن كذبوه وعادوه وآذوه , حتى من أهله المقربين , حيث أن عمه أبو لهب أول من كذبه في دعوته , ولم يكتفي بذلك بل قام بأكبر بان ألقى القمامة والأوساخ أمام بيته الطاهر الشريف .
قصة إسلام سلمان _ رضي الله عنه _ :
ينتمي سلمان إلى بلاد فارس , كان أبوه سيد قومه , اجتهد سلمان بالمجوسية حتى أصبح خازن النار , ذات يوم أرسله أبوه إلى ضيعته , فمر على كنيسة فزان له حالها فجلس عمدهم , ونسي ما أرسله به أبوه , لما عاد سأله أبوه أين كنت ؟ وقد سالت عنك القاصي والداني , فاخبره بالأمر , فخشي عليه أبوه , فحبسه وجعل الحديد في رجله , فبعث إلى الكنيسة يسألهم عن أهل دينهم , فلما أجابوه أزال الحديد وذهب إلى الشام , وهناك التقى بخير أساقفتها , وظل ينتقل بين الأسقف من الشام إلى الموصل إلى نصيبين إلى عمورية بالروم , حتى أقام عند آخر عبادها , وما إن احتضر حتى سأله سلمان طالبا منه أن يدله على رجل خيّر , فابلغه أن هذا زمن نبي , وانه سيخرج بين حرتين , وعلمه علامات النبوة , فخرج يقصد ذلك المكان الذي دله عليه و وكان معه قليل من بقر وقليل من غنم قد اكتسبها من قبل , فجعل ما اكتسبه اجر لثلة من التجار على أن يحملوه إلى مكان ذلك النبي , فحملوه وما إن وصلوا إلى وادي القرى , حتى باعوه عبدا إلى رجل يهودي , ثم ابتاعه رجل من بني قريظة , واتى به إلى المدينة , وظل بها يخدم في النخل , حتى سمع بأمر النبي , فقصده وقد رأى به علامات النبوة , فأشهر إسلامه بين يدي رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ .
الإسراء والمعراج
أراد ربنا جل وعلا أن يخفف على نبيه عنان الدعوة وإيذاء المشركين , وأيضا مواساته في فقيديه عمه وزوجته اللذان ماتا في عام واحد , اسماه الرسول _ صلى الله عليه وسلم _ عام الحزن .
بينما نبينا الكريم _ صلى الله عليه وسلم _ في الحجر مضطجعا , ما بين النائم واليقظان , إذ أتاه آت فاخرج قلبه وغسله وملؤه بالإيمان والحكمة , وآتاه دابة ما بين الحمار الأبيض والبغل وهو البراق , يضع خطوه عند مد بصره , فركبه متوجها إلى بيت المقدس , وما إن وصل حتى كان بين جمع من الأنبياء , فهذا موسى يصلي وهذا عيسى يصلي , وهذا شبيه نبينا _ عليه أفضل الصلاة والتسليم _ إبراهيم كذلك يصلي , وما إن حان وقت الصلاة حتى أمهم الرسول _ صلى الله عليه وسلم _ فلما انتهت الصلاة , وإذ بخازن النار يسلم على رسولنا _ صلى الله عليه وسلم _ , وإذ بجبريل _ عليه السلام _ يختبر فطرته بإناء من لبن وإناء من خمر وإناء من عسل
فاختار نبينا _ صلوات الله وسلامه عليه _ الإناء الذي به اللبن , فقال له جبريل _ عليه السلام _ هديت وهديت أمتك .
انطلق به جبريل إلى السماء الدنيا فوجد بها أبو البشرية آدم _ عليه السلام _ , فسلّم عليه الرسول _ صلى الله عليه وسلم _ فرد آدم السلام , وقال مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح , ثم عرج به جبريل _ عليه السلام _ إلى السماء الثانية فوجد بها يحيى وعيسى وهما ابنا الخالة , وحدث معهم مثل ما حدث مع آدم , ثم عرج به إلى السماء الثالثة فوجد بها من أوتي شطر الجمال كما وصفه الرسول _ صلى الله عليه وسلم _ وحدث معه ما حدث مع سابقيه , ثم إلى السماء الرابعة فوجد إدريس _ عليه السلام _ , ثم وجد هارون _ عليه السلام _ في الخامسة , ثم وجد موسى _ عليه السلام _ في السادسة , وما أن عرج إلى السماء السابعة حتى وجد أبوه إبراهيم _ عليه السلام _ وحدث معه ما حدث مع الأنبياء السابقين , وهنا فرضت الصلاة , ولمكانة الصلاة فهي العبادة الوحيدة التي فرضت في السماء ومن الله مباشرة .
موقف الناس من الإسراء والمعراج
لما رجع رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ من رحلته وهو مندهش , إذ هم به فرعون هذه الأمة أبو جهل , فلما اخبره الرسول _ صلى الله عليه وسلم _ بما حدث معه , جمع الناس ليسمعوا كلام الرسول _ صلى الله عليه وسلم _ وهذا نقيض ما كان يفعل سابقا , فلما سمعوا القصة انقسم الناس ما بين مصدق ومكذب وهازئ ومتعجب , حتى أرسل إلى أبو بكر الصديق , فاخبره الرسول بما حدث معه فقال : صدقت , وقال الرسول _ صلى الله عليه وسلم : وأنت أبو بكر الصديق .
ذهابه _ صلى الله عليه وسلم _ لدعوة أهل الطائف :
لما ضيقت قريش على رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ في دعوته , وضايقت أصحابه المستضعفين وآذتهم , شرع النبي في موسم الحج يعرض نفسه على القبائل والأقوام غير آبه بالسفهاء , ثم ارتحل نبي الله _ صلى الله عليه وسلم _ إلى أهل الطائف وهو كله أمل في أن يصدقوه وينصره , فما كلن منهم إلا أن حرضوا عليه سفهائهم وأطفالهم تقذفه بالحجارة , فرجع وخيبة الأمل على محياه وبه من الآلام ما به , حتى وصل قرن الثعلب , وإذ بسحابة تظله , فلما نظر إذ جبريل يناديه ويقول له : إن الله قد سمع قول قومك لك , وما ردوا عليك , وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت , فما انتقم لنفسه وأطبق عليهم الاخشبين بل قال قولته الشهيرة : لعل الله يخرج من أصلابهم من يقول لا اله إلا الله .
الدعوة في أهل يثرب وبيعة العقبة :
كتب الله سبحانه الخير والفلاح لأهل يثرب , فكان للاؤس والخزرج الشرف الكبير بان يكونوا هم الأنصار , آمنوا به وآوّه ونصروه , وعز عليهم أن يترك رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ يجوب جبال مكة دون ما احد يحميه , فعقدوا على مبايعته بيعة العقبة , فبايعوه على السمع والطاعة , في النشاط والكسل , والنفقة في العسر واليسر , وعلى الأمر بالمعروف , والنهي عن المنكر , وان يقولوا في الله لا يخافون لومة لائم , وعلى أن ينصروه , فيمنعونه إذا قدم عليه مما يمنعون منه أنفسهم وأزواجهم وأبناءهم ؛ ولهم الجنة .
الإثنين يوليو 06, 2009 4:48 pm
