الباب الرابع : الإيمان بالرسل عليهم السلام , وفيه خمسة فصول :-
الفصل الأول : معنى الإيمان بالرسل عليهم السلام
أولا : كيفية الإيمان بالرسل عليهم السلام :
يجب الإيمان بهو جميعا بكونهم صادقين في جميع ما أخبروا به عن الله تعالى , وأنه سبحانه بعثهم إلى عباده ليبلغونهم أمره ونهيه , ووعده ووعيده , وأيَدهم بالمعجزات الباهرات , والآيات البينات , لا نفرق بين أحد منهم في الإيمان بهم ووجوب احترامهم .
ثانيا : الفرق بين النبي والرسول :
1_ الرسول من بعث إلى قوم كافرين . والنبي من بعث إلى قوم مسلمين .
2_ الرسول من جاء بشريعة جديدة . والنبي من جاء بشريعة من قبله من الرسل . كأنبياء بني إسرائيل .
3_ الرسول من أنزل عليه كتاب . والنبي من حكم بكتاب من قلبه من الرسل .
ثالثا : تفاضل الرسل :
الرسل يتفاضلون , كما قال تعالى : ( تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات ) ( البقرة : 253 )
وأفضل الرسل : أولوا العزم من الرسل , وهم خمسة : نوح , وإبراهيم , وموسى , وعيسى , ومحمد _ عليهم السلام _ .
وأفضل أولي العزم : الخليلان إبراهيم ومحمد _ عليهم السلام _ وأفضل الخليلين : خاتمهم محمد _ صلى الله عليه وسلم _ .
رابعا : النبوة تفضل واصطفا من الله تعالى :
ليست النبوة كسبا يناله العبد بالجد , والاجتهاد , وتكلف أنواع العبادات , ولكن النبوة اصطفاء من الله تعالى حسب حكمته وعلمه بمن يصلح لها .
الفصل الثاني : دلائل النبوة
المبحث الأول : أول وأعظم دلائل النبوة وهي المعجزات , مع شئ في التفصيل في معجزة القرآن الكريم
دلائل النبوة : هي الأدلة التي تعرف بها نبوة النبي الصادق , ويعرف بها كذب المدعي للنبوة من المتنبئين الكذبة .
ودلائل النبوة كثيرة ومتنوعة وغير محصورة , ومنها المعجزة .
والمعجزة : اسم فاعل من العجز المقابل للقدرة , ومعجزة النبي : ما اعجز به الخصم عند التحدي , والهاء فيها للمبالغة , وهي : أمر خارق للعادة , يجريه الله تعالى على يد من يختاره لنبوته , وكل نبي تكون معجزته مناسبة لحال قومه .
والقرآن الكريم معجزة من وجوه متعددة :
• من جهة اللفظ .
• ومن جهة النظم .
• ومن جهة البلاغة في دلالة اللفظ والمعنى .
• ومن جهة معانيه التي أمر بها , ومعانيه التي اخبر بها عن الله تعالى وأسمائه وصفاته وملائكته وغير ذلك .
• ومن جهة ما اخبر به عن الغيب المستقبل وعن الغيب الماضي .
• ومن جهة ما اخبر به عن المعاد .
• ومن جهة ما بيّن فيه من الدلائل اليقينية . وغيرها من الوجوه .
المبحث الثاني : ذكر بقية دلائل النبوة
1_ إخبارهم الأمم بما سيكون من انتصارهم وخذلان أعدائهم , فوقع كما اخبروا .
2_ ومنها : أن ما جاؤوا به من الشرائع والأخبار في غاية الإحكام والإتقان وكشف الحقائق وهدي الخلق.
3_ ومنها : أن طريقتهم واحدة فيما يأمرون به من عبادة الله تعالى والعمل بطاعته والتصديق باليوم الآخر والإيمان بجميع الكتب والرسل .
المبحث الثالث : الفرق بين دلائل النبوة وخوارق السحرة والكهان
1_ أن أخبار الأنبياء لا يقع فيها تخلف ولا غلط , بخلاف أخبار الكهنة والمنجمين .
2_ ومنها أن السحر والكهانة والاختراع أمور معتادة معروفة ينالها الإنسان بكسبه وتعلمه , وهي مقدوره للجن والإنس , بخلاف آيات الأنبياء ؛ فإنها لا يقدر عليها جن ولا انس .
3_ ومنها : أن الأنبياء مؤمنون مسلمون يعبدون الله تعالى وحده , وأم السحرة والكهان والمتنبئون الكذبة : فلا يكونون إلا مشركين مكذبين ببعض ما انزل الله تعالى .
4_ ومنها : أن الفطر والعقول توافق ما جاء به الأنبياء _ عليهم اللام _ , وأما السحرة والكهان والكذبة يجيئون بما يفسد العقول والفطر .
المبحث الرابع : الفرق بين كرامات الأولياء وبين خوارق السحرة والمشعوذين
أولا : كرامات الأولياء
أولياء الله تعالى هم المؤمنون المتقون , وقد يظهر الله على أيديهم شيئا من خوارق العادات , وهي التي تسمى بالكرامات .
فالكرامة : أمر خارق للعادة يجريه الله تعالى على يد بعض الصالحين من أتباع الرسل _ عليهم السلام _ إكراما من الله تعالى له . وليس كل ولي تحصل له كرامة , وإنما تحصل لبعضهم ؛ إما لتقوية إيمانه , أو لحاجته , أو لإقامة حجة على خصمه المعارض في الحق .
والأولياء الذين لم تظهر لهم كرامة لا يدل ذلك على نقصهم , كما أن الذين وقعت لهم الكرامة لا يدل ذلك على أنهم أفضل من غيرهم .
ثانيا : الفرق بين كرامات الأولياء وبين خوارق السحرة والمشعوذين والدجال :
1_ أن كرامات الأولياء سببها التقوى والعمل الصالح , وأعمال المشعوذين سببها الكفر والفسوق والفجور .
2_ أن كرامات الأولياء يستعان بها على البر والتقوى , أو على أمور مباحة , وأعمال المشعوذين والدجالين يستعان بها على أمور محرمة ؛ من الشرك , والكفر , وقتل النفوس .
3_ أن كرامات الأولياء تقوى بذكر الله تعالى وتوحيده , وخوارق السحرة والمشعوذين تبطل أو تضعف عند ذكر الله تعالى وقراءة القرآن والتوحيد .
وخلاصة موضوع كرامات الأولياء : أن الناس انقسموا فيه ثلاثة أقسام :
• قسم غلوا في نفي كرامات الأولياء حتى أنكروا ما هو ثابت في الكتاب والسنة من الكرامات الصحيحة .
• وقسم غلوا إثبات الكرامات حتى اعتقدوا أن السحر والشعوذة والدجل من الكرامات .
• والقسم الثالث : وهم أهل السنة والجماعة ؛ توسطوا في موضوع الكرامات بين الإفراط والتفريط , فاثبتوا منها ما أثبته الكتاب والسنة , ونفوا ما خالف الكتاب والسنة .
الفصل الثالث : عصمة الأنبياء _ عليهم السلام _
العصمة : المنعة , والعاصم : المانع الحامي , والاعتصام : الامتساك بالشئ , والمراد بالعصمة هنا : حفظ الله تعالى لأنبيائه من الذنوب والمعاصي .
وعصمة الأنبياء _ عليهم السلام _ منها ما هو مجمع عليه بداية ونهاية , ومنها ما هو مختلف فيه بداية لا نهاية , وبيان ذلك :
أجمعوا على عصمة الأنبياء فيما يخبرون عن الله تعالى وفي تبليغ رسالاته .
أما المعاصي : فقد اختلفوا في عصمة الأنبياء منها على قولين مشهورين :
القول الأول : أن الأنبياء معصومون عن المعاصي مطلقا كبائرها وصغائرها .
القول الثاني : أن الأنبياء _ عليهم السلام _ معصومون من الكبائر وليس من الصغائر , وهذا القول هو قول الجمهور , وهو الذي تؤيده الأدلة من الكتب والسنة .
الفصل الرابع : دين الأنبياء واحد
إن دين الأنبياء _ عليهم السلام _ دين واحد وان تنوعت شرائعهم , قال تعالى : ( شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذيّ أوحيناّ إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى ّ أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه ) ( الشورى : 13 )
وقال النبي _ صلى الله عليه وسلم _ : " الأنبياء إخوة لعلات , أمهاتهم شتى ودينهم واحد " أخرجه البخاري
ودين الأنبياء هو دين الإسلام الذي لا يقبل الله غيره , وهو الاستسلام لله تعالى بالتوحيد , والانقياد له بالطاعة , والبراءة من الشرك وأهله .
الفصل الخامس : خصائص الرسول _ صلى الله عليه وسلم _ , وفيه مبحثان
المبحث الأول : ما اختص به _ صلى الله عليه وسلم _ عن غيره من الأنبياء _ عليهم السلام _ :
1_ انه خاتم النبيين , قال تعالى : ( ما كان محمد أبا احد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين ) ( الأحزاب : 40 )
2_ المقام المحمود , وهو الشفاعة العظمى .
3_ عموم بعثة إلى الثقلين الجن والأنس .
4_ ومن خصائصه _ صلى الله عليه وسلم _ : القرآن العظيم .
5_ ومن خصائصه _ صلى الله عليه وسلم _ : المعراج إلى السماوات العلى , إلى سدرة المنتهى 6_ ومن خصائصه _ صلى الله عليه وسلم _ : ما ذكره _ صلى الله عليه وسلم _ في قوله : " أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من قبلي : نصرت بالرعب مسيرة شهر , وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا , فايما رجل من أمتي أدركته الصلاة : فليصل , وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد من قبلي , وأعطيت الشفاعة , وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة "
المبحث الثاني : الخصائص التي اختص بها دون أمته
_ التهجد بالليل , يقال : أن قيام الليل كان واجبا عليه إلى أن مات .
_ انه إذا عمل عملا أثبته .
_ تحريم الزكاة عليه وعلى آله .
_ انه احل له الوصال في الصيام .
_ انه احل له الزيادة على أربع نسوة .
_ انه احل له القتال بمكة .
_ انه لا يورث .
_ بقاء زوجيته بعد الموت , وإذا طلق المرأة : تبقى حرمته عليها فلا تنكح .